الحديث ضعيف
أخرجه الطبراني في المعجم الأوسط (6435) فقال : حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عِرْسٍ الْمِصْرِيُّ ، ثَنَا يَحْيَى بْنُ سُلَيْمَانَ بْنِ نَضْلَةَ الْمَدِينِيُّ ، ثَنَا الْحَارِثُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْفِهْرِيُّ ، حَدَّثَنِي إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي حَكِيمٍ ، حَدَّثَنِي عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ ، حَدَّثَنِي أَبُو بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ هِشَامٍ ، حَدَّثَتْنِي أُمُّ سَلَمَةَ ، عَنْ خَدِيجَةَ ، قَالَتْ : قلت : يا رسول الله ، يا ابن عمي ، هل تستطيع إذا جاءك الذي يأتيك أن تخبرني به ؟ فقال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم : « نعم يا خديجة» . قالت خديجة : فجاءه جبريل ذات يوم وأنا عنده ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « يا خديجة هذا صاحبي الذي يأتيني قد جاء » ، فقلت له : قم فاجلس على فخدي الأيمن ، فقام ، فجلس على فخدي الأيمن ، فقلت له : هل تراه ؟ قال : « نعم » ، فقلت له : تحول فاجلس على فخدي الأيسر ، فجلس ، فقلت : هل تراه ؟ قال : « نعم » ، فقلت له : فتحول فاجلس في حجري ، فجلس ، فقالت له : هل تراه ؟ قال : « نعم » ، قالت خديجة : فتحسرت وطرحت خماري ، وقلت له : هل تراه ؟ قال : « لا » ، فقلت له : هذا والله ملك كريم ، لا والله ما هذا شيطان ، قالت خديجة : فقلت لورقة بن نوفل بن أسد بن عبد العزى بن قصي ذلك ، كما أخبرني به محمد رسول الله فقال ورقة : حقا يا خديجة حديثك .
قال الطبراني : لَمْ يَرْوِ هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ إِلا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي حَكِيمٍ ، وَلا عَنْ إِسْمَاعِيلَ إِلا الْحَارِثُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْفِهْرِيُّ ، تَفَرَّدَ بِهِ : يَحْيَى بْنُ سُلَيْمَانَ .
قلت : و يحيى بن سليمان بن نضلة المديني صدوق يخطئ و قد تفرد بهذه الرواية كما قال الطبراني ، فهي من جملة أخطاءه لا شك في ذلك .
قال ابن خراش : لا يسوي فلسا
و قال ابن حبان : يخطئ و يهم
قلت : و أخرج أبو نعيم الأصبهاني في كتاب " دلائل النبوة " (رقم 164) ، فقال :حدثنا عمر بن محمد بن جعفر قال : ثنا إبراهيم بن علي قال : ثنا النضر بن سلمة قال : ثنا عبد الله بن عمرو الفهري ومحمد بن مسلمة ، عن الحارث بن محمد الفهري ، عن إسماعيل بن أبي حكيم ، عن عمر بن عبد العزيز ، عن أبي بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام ، عن أم سلمة ، عن خديجة بنت خويلد أنها قالت : قلت لرسول الله صلى الله عليه وسلم : يا ابن العم أتستطيع إذا جاءك هذا الذي يأتيك أن تخبرني به ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : نعم قالت خديجة : فجاءه جبريل عليه السلام ذات يوم وأنا عنده فقال : يا خديجة هذا صاحبي الذي يأتيني قد جاء فقلت له : قم فاجلس على فخذي فجلس عليها فقلت : هل تراه ؟ قال : نعم فقلت : تحول فاجلس على فخذي اليسرى فجلس فقلت : هل تراه ؟ قال : نعم قالت خديجة : فتحسرت فطرحت خماري فقلت : هل تراه ؟ قال : لا فقلت : هذا والله ملك كريم لا والله ما هذا شيطان
قالت خديجة : فقلت لورقة بن نوفل بن أسد بن عبد العزى بن قصي ذلك ما أخبرني محمد صلى الله عليه وسلم فقال ورقة :
إن يك حقا يا خديجة فاعلمي حديثك إيانا فأحمد مرسل
يفوز به من فاز فيها بتوبة ويشقى به العاني الغوي المضلل
فريقان منها فرقة في جنانه وأخرى بأجواز الجحيم تغلل
إذا ما دعوا بالويل فيها تتابعت مقامع في هاماتهم ثم مزعل
فسبحان من تهوي الرياح بأمره ومن هو في الأيام ما شاء يفعل
ومن عرشه فوق السماوات كلها وأحكامه في خلقه لا تبدل
وقال أيضا ورقة :
يا للرجال لصرف الدهر والقدر وما لشيء قضاه الله من غير
حتى خديجة تدعوني لأخبرها وما لنا بخفي الغيب من خبر
فكان ما سألت عنه لأخبرها أمرا رآه سيأتي الناس عن خبر
فخبرتني بأمر قد سمعت به فيما مضى من قديم الناس والعصر
بأن أحمد يأتيه فيخبره جبريل أنك مبعوث إلى البشر
فقلت إن الذي ترجين ينجزه لك الإله فرجي الخير وانتظري
وأرسليه إلينا كي نسايله عن أمره ما يرى في النوم والسهر
فقال خير أتانا منطقا عجبا يقف منه أعالي الجلد والشعر
إني رأيت أمين الله واجهني في صورة أكملت في أهيب الصور
ثم استمر فكان الخوف يذعرني مما يسلم من حولي من الشجر
فقلت ظني وما أدري سيصدقني أن سوف تبعث يتلو منزل السور
وسوف أوليك إن أعلنت دعوتهم مني الجهاد بلا من ولا كدر " .
قلت : سيظن المبتدىء في هذا العلم ، أن يحيى بن سليمان بن نضلة قد توبع ، تابعه عبد الله بن عمرو الفهري ومحمد بن مسلمة ، و أن قول الحافظ الطبراني رحمه الله : تَفَرَّدَ بِهِ : يَحْيَى بْنُ سُلَيْمَانَ ، قول خاطىء غير صحيح .
أقول : أن كلام الطبراني رحمه الله صحيح لا شك فيه ، فهو عمدة في هذا الباب ، و أن متابعة الفهري و ابن سلمة ليست بمتابعة ، لأن النضر بن سلمة متهم بالوضع و سرقة الحديث .
قال أبو حاتم الرازي : كان يفتعل الحديث ولم يكن بصدوق
و قال ابن حبان : ممن يسرق الحديث لا يحل الرواية عنه إلا للاعتبار
قال الدارقطني : متروك، كذاب، يضع الحديث
قال ابن خراش : يضع الحديث .
قلت : فهذه ليست متابعة ، بل هذه سرقة حديث .
سرقة حديث ؟!!!
تعالى لنعرف ما هي سرقة الحديث ، في مبحث نفيس نقلناه عن الأخ أبو سفيان الإسماعيلي الأثري السلفي .
تعريف سرقة الحديث : هي نسبة رواية الحديث لإلى من ليس له رواية به .
ولها صورتان :
(أ) أن ينفرد محدث برواية حديث عن شيخ فيأتي السارق ويدعي أن سمعه أيضا من شيخ ذلك المحدث .
(ب) أن يعرف الحديث براو فيضيفه السارق لراو غيره ممن شاركه في طبقته .
حكم سرقة الحديث : سرقة الحديث قادحة في الراوي يرد بها حديثه وإن كانت أقل من وضع الحديث في الأثم .
مثال سرقة الحديث :.
قال ابن عدي حديثا محمد بن سليمان حدثنا محمد بن الوليد حدثنا جعفر بن عون حدثنا إسماعيل بن أبيخالد عن قيس عن أبي مسعود الأنصاري قال : أتي النبي صلى الله عليه وسلم برجل ترعد فرائصه فقال " لا بأس عليك إنما أنا ابن أمة تأكل القديد "
ثم قال ابن عدي وهذاالحديث سرقه ابن أبان يعني محمد بن الوليد المذكور في الإسناد من إسماعيل بن أبيخالد وسرقه منه أيضا عبيد بن الهيثم الحلبي .
ثم قال ورواه زهير وابن عيينة ويحيي القطان عن ابن أبي خالد مرسلا
و أخرجه ابن إسحاق في السيرة (1/239) فقال : وحدثني إسماعيل بن أبي حكيم مولى آل الزبير : أنه حدث عن خديجة رضي الله عنها أنها قالت لرسول الله صلى الله عليه وسلم : أي ابن عم.......فذكره بنحوه .
قلت : و من طريق ابن إسحاق أخرجه الطبري في تاريخه (2 /302) ، و الدولابي في الذرية الطاهرة (24) ، و الآجري في " الشريعة " (5/2189-2190) ، و البيهقي في دلائل النبوة (2 / 151 – 152) .
قلت : و هذا إسناد ضعيف فيه انقطاع بين إسماعيل بن أبي حكيم و خديجة رضي الله عنها .
وقال مُحَمَّد بْن سعد فِي الطبقة الرابعة من أهل المدينة: ( إِسْمَاعِيل بْن أبي حَكِيم مولى لبني عدي بْن نوفل من لا يعرف ولاءهم نسبهم إِلَى ولاء الزبير بْن العوام، وكَانَ كاتبا لعمر بْن عبد العزيز،توفي سنة ثلاثين ومائة ، وكَانَ قليل الْحَدِيث، وكَانَ لَهُ ولد، وبقية بالمدينة )
فإسماعيل بن أبي حكيم توفي سنة 130 من الهجرة .
و السيدة خديجة رضي الله عنها توفيت سنة 3 قبل الهجرة
أي بين وفاتيهما 133 سنة .
ثم قال ابن إسحاق : وقد حدثت عبد الله بن حسن هذا الحديث ، فقال : قد سمعت أمي فاطمة بنت حسين تحدث بهذا الحديث عن خديجة ، إلا أني سمعتها تقول : أدخلت رسول الله صلى الله عليه وسلم بينها وبين درعها ، فذهب عند ذلك جبريل ، فقالت لرسول الله صلى الله عليه وسلم : (إن هذا لملك وما هو بشيطان )
قلت : و هذا منقطع أو معضل بين فاطمة بنت حسين و خديجة رضي الله عنها ، فأن أباها قد ولد بعد وفاة السيدة خديجة بسبعة سنوات .
و أخرج أبو نعيم الأصبهاني في " الدلائل " ( رقم 165) فقال : حدثنا عمر بن محمد بن جعفر قال : ثنا إبراهيم بن علي قال : ثنا النضر بن سلمة قال : ثنا فليح بن إسماعيل ، عن عبد الرحمن بن عبد العزيز الإمامي ، عن يزيد بن رومان ، عن الزهري ، عن عروة بن الزبير ، عن عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان جالسا مع خديجة يوما من الأيام إذ رأى شخصا بين السماء والأرض لا يزول فقالت خديجة : ادن مني فدنا منها فقالت له : أتراه ؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم : « نعم ، قالت خديجة : أدخل رأسك تحت درعي ففعل ذلك فقالت خديجة له : أتراه ؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم : لا قد أعرض عني قالت خديجة : أبشر فإنه ملك كريم لو كان شيطانا ما استحيى فبينا رسول الله صلى الله عليه وسلم يوما من الأيام إذ رأى شخصا بين السماء والأرض بجياد الأصغر إذ بدا له جبريل عليه السلام فسلم فبسط بساطا كريما مكللا بالياقوت والزبرجد ثم بحث في الأرض فنبع الماء فعلم جبريل عليه السلام رسول الله صلى الله عليه وسلم كيف يتوضأ فتوضأ صلى الله عليه وسلم ثم صلى ركعتين نحو القبلة مستقبل الركن الأسود وبشره بنبوته ونزل عليه اقرأ باسم ربك الذي خلق ثم انصرف منقلبا فلم يمر على حجر ولا شجر إلا وهو يسلم عليه ، يقول : السلام عليك يا رسول الله ، فجاء إلى خديجة فقال : » يا خديجة ، أشعرت بأن الذي كنت أراه قد بدا لي بساطا كريما ، وبحث لي في الأرض فنبع الماء فعلمني الوضوء فتوضأت وصليت ركعتين « فقالت خديجة : أرني كيف أراك فأراها النبي صلى الله عليه وسلم ثم صلت معه وقالت : أشهد أنك رسول الله »
قلت : و هذا اسناد واه جدا فيه علتان :
الأولى : النضر بن سلمة و هو متهم بالوضع و يسرق الحديث ، و قد سبقت ترجمته ، و هذه هي العلة الأساسية .
الثانية : عبد الرحمن بن عبد العزيز الإمامي و هو ضعيف يعتبر به ، و هذه علة ثانوية .
قال يحيى بن معين : شيخ مجهول .
قال يعقوب بْن شيبة: ثقة .
وقال أَبُو حاتم: شيخ مضطرب الحديث.
وذكره ابن حبان فِي كتاب الثقات . وقال: مات سنة اثنتين وستين ومائةوهو ابن بضع وسبعين سنة وكان قد ذهب بصره .
قال ابن عدي : ليس هو بذلك المعروف .
قال ابن حجر : صدوق يخطىء .
أحكام العلماء :
قال الهيثمي في مجمع الزوائد (8 / 256) : رواه الطبراني في الاوسط و إسناده حسن .
قلت : و حكم الهيثمي رحمه الله هذا حكم غير دقيق ، و هو معروف بتساهله في النقد ، و قد بين ذلك الألباني في السلسلة الضعيفة .
قال ابن حجر في فتح الباري ( 8 / 720) : ووقع عند بن إسحاق عن إسماعيل بن أبي حكيم مرسلا .
قال الألباني في الضعيفة ( 6097) : ضعيف .
و كتبه
أبو عبد الله السكندري
طويلب علم
أخرجه الطبراني في المعجم الأوسط (6435) فقال : حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عِرْسٍ الْمِصْرِيُّ ، ثَنَا يَحْيَى بْنُ سُلَيْمَانَ بْنِ نَضْلَةَ الْمَدِينِيُّ ، ثَنَا الْحَارِثُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْفِهْرِيُّ ، حَدَّثَنِي إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي حَكِيمٍ ، حَدَّثَنِي عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ ، حَدَّثَنِي أَبُو بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ هِشَامٍ ، حَدَّثَتْنِي أُمُّ سَلَمَةَ ، عَنْ خَدِيجَةَ ، قَالَتْ : قلت : يا رسول الله ، يا ابن عمي ، هل تستطيع إذا جاءك الذي يأتيك أن تخبرني به ؟ فقال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم : « نعم يا خديجة» . قالت خديجة : فجاءه جبريل ذات يوم وأنا عنده ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « يا خديجة هذا صاحبي الذي يأتيني قد جاء » ، فقلت له : قم فاجلس على فخدي الأيمن ، فقام ، فجلس على فخدي الأيمن ، فقلت له : هل تراه ؟ قال : « نعم » ، فقلت له : تحول فاجلس على فخدي الأيسر ، فجلس ، فقلت : هل تراه ؟ قال : « نعم » ، فقلت له : فتحول فاجلس في حجري ، فجلس ، فقالت له : هل تراه ؟ قال : « نعم » ، قالت خديجة : فتحسرت وطرحت خماري ، وقلت له : هل تراه ؟ قال : « لا » ، فقلت له : هذا والله ملك كريم ، لا والله ما هذا شيطان ، قالت خديجة : فقلت لورقة بن نوفل بن أسد بن عبد العزى بن قصي ذلك ، كما أخبرني به محمد رسول الله فقال ورقة : حقا يا خديجة حديثك .
قال الطبراني : لَمْ يَرْوِ هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ إِلا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي حَكِيمٍ ، وَلا عَنْ إِسْمَاعِيلَ إِلا الْحَارِثُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْفِهْرِيُّ ، تَفَرَّدَ بِهِ : يَحْيَى بْنُ سُلَيْمَانَ .
قلت : و يحيى بن سليمان بن نضلة المديني صدوق يخطئ و قد تفرد بهذه الرواية كما قال الطبراني ، فهي من جملة أخطاءه لا شك في ذلك .
قال ابن خراش : لا يسوي فلسا
و قال ابن حبان : يخطئ و يهم
قلت : و أخرج أبو نعيم الأصبهاني في كتاب " دلائل النبوة " (رقم 164) ، فقال :حدثنا عمر بن محمد بن جعفر قال : ثنا إبراهيم بن علي قال : ثنا النضر بن سلمة قال : ثنا عبد الله بن عمرو الفهري ومحمد بن مسلمة ، عن الحارث بن محمد الفهري ، عن إسماعيل بن أبي حكيم ، عن عمر بن عبد العزيز ، عن أبي بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام ، عن أم سلمة ، عن خديجة بنت خويلد أنها قالت : قلت لرسول الله صلى الله عليه وسلم : يا ابن العم أتستطيع إذا جاءك هذا الذي يأتيك أن تخبرني به ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : نعم قالت خديجة : فجاءه جبريل عليه السلام ذات يوم وأنا عنده فقال : يا خديجة هذا صاحبي الذي يأتيني قد جاء فقلت له : قم فاجلس على فخذي فجلس عليها فقلت : هل تراه ؟ قال : نعم فقلت : تحول فاجلس على فخذي اليسرى فجلس فقلت : هل تراه ؟ قال : نعم قالت خديجة : فتحسرت فطرحت خماري فقلت : هل تراه ؟ قال : لا فقلت : هذا والله ملك كريم لا والله ما هذا شيطان
قالت خديجة : فقلت لورقة بن نوفل بن أسد بن عبد العزى بن قصي ذلك ما أخبرني محمد صلى الله عليه وسلم فقال ورقة :
إن يك حقا يا خديجة فاعلمي حديثك إيانا فأحمد مرسل
يفوز به من فاز فيها بتوبة ويشقى به العاني الغوي المضلل
فريقان منها فرقة في جنانه وأخرى بأجواز الجحيم تغلل
إذا ما دعوا بالويل فيها تتابعت مقامع في هاماتهم ثم مزعل
فسبحان من تهوي الرياح بأمره ومن هو في الأيام ما شاء يفعل
ومن عرشه فوق السماوات كلها وأحكامه في خلقه لا تبدل
وقال أيضا ورقة :
يا للرجال لصرف الدهر والقدر وما لشيء قضاه الله من غير
حتى خديجة تدعوني لأخبرها وما لنا بخفي الغيب من خبر
فكان ما سألت عنه لأخبرها أمرا رآه سيأتي الناس عن خبر
فخبرتني بأمر قد سمعت به فيما مضى من قديم الناس والعصر
بأن أحمد يأتيه فيخبره جبريل أنك مبعوث إلى البشر
فقلت إن الذي ترجين ينجزه لك الإله فرجي الخير وانتظري
وأرسليه إلينا كي نسايله عن أمره ما يرى في النوم والسهر
فقال خير أتانا منطقا عجبا يقف منه أعالي الجلد والشعر
إني رأيت أمين الله واجهني في صورة أكملت في أهيب الصور
ثم استمر فكان الخوف يذعرني مما يسلم من حولي من الشجر
فقلت ظني وما أدري سيصدقني أن سوف تبعث يتلو منزل السور
وسوف أوليك إن أعلنت دعوتهم مني الجهاد بلا من ولا كدر " .
قلت : سيظن المبتدىء في هذا العلم ، أن يحيى بن سليمان بن نضلة قد توبع ، تابعه عبد الله بن عمرو الفهري ومحمد بن مسلمة ، و أن قول الحافظ الطبراني رحمه الله : تَفَرَّدَ بِهِ : يَحْيَى بْنُ سُلَيْمَانَ ، قول خاطىء غير صحيح .
أقول : أن كلام الطبراني رحمه الله صحيح لا شك فيه ، فهو عمدة في هذا الباب ، و أن متابعة الفهري و ابن سلمة ليست بمتابعة ، لأن النضر بن سلمة متهم بالوضع و سرقة الحديث .
قال أبو حاتم الرازي : كان يفتعل الحديث ولم يكن بصدوق
و قال ابن حبان : ممن يسرق الحديث لا يحل الرواية عنه إلا للاعتبار
قال الدارقطني : متروك، كذاب، يضع الحديث
قال ابن خراش : يضع الحديث .
قلت : فهذه ليست متابعة ، بل هذه سرقة حديث .
سرقة حديث ؟!!!
تعالى لنعرف ما هي سرقة الحديث ، في مبحث نفيس نقلناه عن الأخ أبو سفيان الإسماعيلي الأثري السلفي .
تعريف سرقة الحديث : هي نسبة رواية الحديث لإلى من ليس له رواية به .
ولها صورتان :
(أ) أن ينفرد محدث برواية حديث عن شيخ فيأتي السارق ويدعي أن سمعه أيضا من شيخ ذلك المحدث .
(ب) أن يعرف الحديث براو فيضيفه السارق لراو غيره ممن شاركه في طبقته .
حكم سرقة الحديث : سرقة الحديث قادحة في الراوي يرد بها حديثه وإن كانت أقل من وضع الحديث في الأثم .
مثال سرقة الحديث :.
قال ابن عدي حديثا محمد بن سليمان حدثنا محمد بن الوليد حدثنا جعفر بن عون حدثنا إسماعيل بن أبيخالد عن قيس عن أبي مسعود الأنصاري قال : أتي النبي صلى الله عليه وسلم برجل ترعد فرائصه فقال " لا بأس عليك إنما أنا ابن أمة تأكل القديد "
ثم قال ابن عدي وهذاالحديث سرقه ابن أبان يعني محمد بن الوليد المذكور في الإسناد من إسماعيل بن أبيخالد وسرقه منه أيضا عبيد بن الهيثم الحلبي .
ثم قال ورواه زهير وابن عيينة ويحيي القطان عن ابن أبي خالد مرسلا
و أخرجه ابن إسحاق في السيرة (1/239) فقال : وحدثني إسماعيل بن أبي حكيم مولى آل الزبير : أنه حدث عن خديجة رضي الله عنها أنها قالت لرسول الله صلى الله عليه وسلم : أي ابن عم.......فذكره بنحوه .
قلت : و من طريق ابن إسحاق أخرجه الطبري في تاريخه (2 /302) ، و الدولابي في الذرية الطاهرة (24) ، و الآجري في " الشريعة " (5/2189-2190) ، و البيهقي في دلائل النبوة (2 / 151 – 152) .
قلت : و هذا إسناد ضعيف فيه انقطاع بين إسماعيل بن أبي حكيم و خديجة رضي الله عنها .
وقال مُحَمَّد بْن سعد فِي الطبقة الرابعة من أهل المدينة: ( إِسْمَاعِيل بْن أبي حَكِيم مولى لبني عدي بْن نوفل من لا يعرف ولاءهم نسبهم إِلَى ولاء الزبير بْن العوام، وكَانَ كاتبا لعمر بْن عبد العزيز،توفي سنة ثلاثين ومائة ، وكَانَ قليل الْحَدِيث، وكَانَ لَهُ ولد، وبقية بالمدينة )
فإسماعيل بن أبي حكيم توفي سنة 130 من الهجرة .
و السيدة خديجة رضي الله عنها توفيت سنة 3 قبل الهجرة
أي بين وفاتيهما 133 سنة .
ثم قال ابن إسحاق : وقد حدثت عبد الله بن حسن هذا الحديث ، فقال : قد سمعت أمي فاطمة بنت حسين تحدث بهذا الحديث عن خديجة ، إلا أني سمعتها تقول : أدخلت رسول الله صلى الله عليه وسلم بينها وبين درعها ، فذهب عند ذلك جبريل ، فقالت لرسول الله صلى الله عليه وسلم : (إن هذا لملك وما هو بشيطان )
قلت : و هذا منقطع أو معضل بين فاطمة بنت حسين و خديجة رضي الله عنها ، فأن أباها قد ولد بعد وفاة السيدة خديجة بسبعة سنوات .
و أخرج أبو نعيم الأصبهاني في " الدلائل " ( رقم 165) فقال : حدثنا عمر بن محمد بن جعفر قال : ثنا إبراهيم بن علي قال : ثنا النضر بن سلمة قال : ثنا فليح بن إسماعيل ، عن عبد الرحمن بن عبد العزيز الإمامي ، عن يزيد بن رومان ، عن الزهري ، عن عروة بن الزبير ، عن عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان جالسا مع خديجة يوما من الأيام إذ رأى شخصا بين السماء والأرض لا يزول فقالت خديجة : ادن مني فدنا منها فقالت له : أتراه ؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم : « نعم ، قالت خديجة : أدخل رأسك تحت درعي ففعل ذلك فقالت خديجة له : أتراه ؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم : لا قد أعرض عني قالت خديجة : أبشر فإنه ملك كريم لو كان شيطانا ما استحيى فبينا رسول الله صلى الله عليه وسلم يوما من الأيام إذ رأى شخصا بين السماء والأرض بجياد الأصغر إذ بدا له جبريل عليه السلام فسلم فبسط بساطا كريما مكللا بالياقوت والزبرجد ثم بحث في الأرض فنبع الماء فعلم جبريل عليه السلام رسول الله صلى الله عليه وسلم كيف يتوضأ فتوضأ صلى الله عليه وسلم ثم صلى ركعتين نحو القبلة مستقبل الركن الأسود وبشره بنبوته ونزل عليه اقرأ باسم ربك الذي خلق ثم انصرف منقلبا فلم يمر على حجر ولا شجر إلا وهو يسلم عليه ، يقول : السلام عليك يا رسول الله ، فجاء إلى خديجة فقال : » يا خديجة ، أشعرت بأن الذي كنت أراه قد بدا لي بساطا كريما ، وبحث لي في الأرض فنبع الماء فعلمني الوضوء فتوضأت وصليت ركعتين « فقالت خديجة : أرني كيف أراك فأراها النبي صلى الله عليه وسلم ثم صلت معه وقالت : أشهد أنك رسول الله »
قلت : و هذا اسناد واه جدا فيه علتان :
الأولى : النضر بن سلمة و هو متهم بالوضع و يسرق الحديث ، و قد سبقت ترجمته ، و هذه هي العلة الأساسية .
الثانية : عبد الرحمن بن عبد العزيز الإمامي و هو ضعيف يعتبر به ، و هذه علة ثانوية .
قال يحيى بن معين : شيخ مجهول .
قال يعقوب بْن شيبة: ثقة .
وقال أَبُو حاتم: شيخ مضطرب الحديث.
وذكره ابن حبان فِي كتاب الثقات . وقال: مات سنة اثنتين وستين ومائةوهو ابن بضع وسبعين سنة وكان قد ذهب بصره .
قال ابن عدي : ليس هو بذلك المعروف .
قال ابن حجر : صدوق يخطىء .
أحكام العلماء :
قال الهيثمي في مجمع الزوائد (8 / 256) : رواه الطبراني في الاوسط و إسناده حسن .
قلت : و حكم الهيثمي رحمه الله هذا حكم غير دقيق ، و هو معروف بتساهله في النقد ، و قد بين ذلك الألباني في السلسلة الضعيفة .
قال ابن حجر في فتح الباري ( 8 / 720) : ووقع عند بن إسحاق عن إسماعيل بن أبي حكيم مرسلا .
قال الألباني في الضعيفة ( 6097) : ضعيف .
و كتبه
أبو عبد الله السكندري
طويلب علم